100 100 100

قل لي من تصاحب أقل لك من أنت

اعلان
إن من أحد أسباب الاجتهاد واكتساب الأخلاق والسير على طريق الصواب (الصحبة ) ,  وإن من أعظمَ ما يعين المسلم على تحقيق التقوى والاستقامة على نهج الحق والهدى ، مصاحبةُ الأخيار، والبعدُ عن قرناء السوء ومخالطة الأشرار ، لأن الإنسان بطبعه وحكم بشريته يتأثر بصفيه وجليسه ، ويكتسب من أخلاق قرينه وخليله
والمرءُ إنما توزن أخلاقه وتُعرف شمائله بإخوانه وأصفيائه , فما هي صفات الصاحب الذي ينبغي أن اصاحبه ؟؟ تابع معنا هذا المقال ...

قال عليه الصلاة والسلام :
” الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داود والترمذيُ بإسناد صحيح

وقال ابن مسعود رضي الله عنه :
” ما من شيء أدلُ على شيء ؛ من الصاحب على الصاحب”

لقد اعتنى الإسلام بشأن الصحبةِ والمجالسة أيما عناية ، وتولى رعايتها بالغ الرعاية ، حيث وجه رسول الهدى كلَ فرد من أفراد الأمة إلى العنايةِ باختيار الجلساء الصالحين ، واصطفاء الرفقاء المتقين ، فقال عليه الصلاة والسلام :
” لا تصاحب إلا مؤمنًا ، ولا يأكل طعامَك إلا تقي” رواه أبو داود والترمذي بإسناد حسن

كما ضرب للأمةِ مثلَ الجليس الصالحِ والجليس السوء بشيء محسوسٍ وظاهر ، كلٌ يدرك أثره وعاقبتَه ، ومقدارَ نفعه أو ضرره ، فقال :
” إنما مثلُ الجليسِ الصالح والجليسِ السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحاملُ المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخُ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة “ أخرجه الشيخان

لذا .. فإن من الحزم والرشاد ، ورجاحةِ العقل وحصافةِ الرأي ، ألا يُجالسَ المرء إلا من يرى في مجالسته ومؤاخاتِه النفعَ له في أمر دينه ودنياه ،

وإن خيرَ الأصحاب لصاحبه ، وأنفعَ الجلساءِ على جليسه :
من كان ذا بِرٍّ وتُقى ، ومروءةٍ ونُهى ، ومكارمَ أخلاق ، ومحاسنَ آداب ، وجميلِ عوائد ، مع صفاءِ سريرة ، ونفسٍ أبية ، وهمّةٍ عالية ، وتكمل صفاته ويَجل قدره حين يكونُ من أهل العلم والأدب ، والفقه والحكمة ،
إذْ هذه صفات الكُمّل من الأنام الذين يأنس بهم الجليس ، ويسعد بهم الصديق ؛ لإخلاصهم في المودة ، وإعانتهم على النائبة ، وأمْنِ جانبهم من كل غائلة ، فمن وُفق لصحبة من كانت هذه صفات وأخلاقه ، وتلك شمائله وآدابه ، فذلك عُنوان سعادته ، وأمارةُ توفيقه ، فليستمسك بغرزه ، وليعضّ عليه بالنواجذ ،
وليرع له حق الصحبة بالوفاء والصدق معه ، وتوقيره وإجلاله ، ومؤانسته حال سروره ، ومواساته حال مصيبته ، وإعانته عند ضائقته ، والتغاضي عن هفواته ، والتغافلِ عن زلاته ، إذ السلامةُ من ذلك أمر متعذر في طبع البشر ، وحسبُ المرء فضلاً أن تعد مثالبه ومعائبه ،

وإن شرَ الأصحاب على صاحبه ، و أسوؤهم أثرًا على جليسه :
من ضعُفت ديانته وساءت أخلاقه ، وخبُثت سريرته ، ولم تُحمد سيرته ، من لا همّ له إلا في تحقيقِ مآربه وأهوائه ، ونيلِ شهواته ورغباته ، وإنْ كان على حساب دينه ومروءته ، ولربما بلغ الحالُ في بعض هؤلاء ألا يقيمَ للدين وزنًا ، ولا للمروءة اعتبارًا ، ولا يرى للصداقةِ حقًا ،
فمؤاخاةُ هذا وأمثالِه ضرب من العناء ، وسبيل من سبل الشقاء ؛ لِما قد يجلبه على صاحبه وجليسه من شرٍ وبلاء بصده عن ذكر الله وطاعته ، وتثبيطه عن مكارم الأخلاق ومقتضياتِ المروءة ، وتعويدِه على بذاءة اللسان والفحش في الكلام ، وحمله على ارتكاب أنواعِ من الفسق والفجور والأخذِ به في سبيل اللهو واللعب ، وضياعِ الأوقات فيما يضر ولا ينفع من أنواع الملهياتِ والمغريات ، وتبذيرِ الأموال في صنوف من المحرمات ، 

ولتتأمل أخي الكريم في حال من ابتلوا بإدمان المسكرات ، وتعاطي المخدرات ، واقتراف الفواحش والمنكرات ، واكتسابِ الأموال المحرمة من ربا ورشوةٍ وغيرها من المكاسب الخبيثة ، وما هم عليه من سوءِ الحال في أنفسهم وأهليهم ، وما كان لهم من أسوأِ الأثر على من يخالطهم ويصافيهم ،

فمن شقاء المرء أن يُجالس أمثال هؤلاء الذين ليس في صحبتهم سِوى الحسرة والندامة ؛ لأنهم ربما أفسدوا عليه دينه وأخلاقه ، حتى يخسر دنياه وآخرته ، وذلك هو الخسران المبين ، يقول الله تعالى :
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} سورة الفرقان/27

أ.حسام حسن كيوان



من فضلك .. شارك الموضوع إذا أعجبك

ضع تعليقا أخي الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموضوع السابق الموضوع التالي الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة لموقع أفكار ستغير حياتك ©2015-2016 | فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية