100 100 100

آداب الحوار والتدرب عليها

اعلان
لن تنجح حياتك ومعاملاتك مع الناس إلا إذا أتقنت الحوار مع الآخرين 
لكل إنسان صفة تتسم بها شخصيته وتميزه عن الآخرين .. ولن توصل فكرك للآخرين إلا بالحوار
أما الصراخ والجدال والغضب فقد أثبت فشله وردة فعله السيئة
لنجاح الحوار لا بد من الالتزام  بآدابه ،
فإن آداب الحوار تندرج تحت القضايا النفسية والسلوكية . للحوار آداب منها :




الأول: ينبغي على المحاور أن يبتغي بمحاورته وجهَ الله تعالى 
فلا يرجو غلبة ولا انتصاراً لذاته ، ولا ثناء الناس أو حمدَهم ، يدخل ساحة الحوار باحثاً عن الحق حتى لو كان عند خصمه، وما ينبغي له أن يتردد في التراجع عن رأيهإذا تبين له صحةَ رأيِ غيره .
مثال ذلك : فقد أذن الله للرسول صلى الله عليه وسلم أن يحاور الكفار في أي قضية حتى الربوبية والألوهية للوصول إلى الحق إن كان معه أو معهم ، قال تعالى : { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} سبأ: 24
ويدعم حواره بالحجج والأدلة القطعية  دون تحريف أو تأويل , إنما بمنهج علمي وموضوعي .

الثاني: ترك التعصب أثناء الحوار . والتحجر وضيق الأفق ،
ويعتبر التعصب من أكبر أسباب فشل الحوار، فالمتعصب لا يستطيع المحاورة ، ولا ينجح التحاور معه ؛ لأنه أناني يحتكر الحق والصواب ، وحسود لا يريد الخير لغيره ، ويتولد عن التعصب خلقان يصعب الحوار مع من اتصف بهما ، هما الكبر والغرور، حيث يحتقر المتكبرُ الآخرين وما عندهم، وكيف ينجح الحوار في جو فيه غمز ولمز، وسخرية واستهزاء، إن هذا سوف يدفع الطرف الآخر للمكابرة والمعاندة ، وعدم قبول الحق إذا قدم بهذه الطريقة ، لذلك أمر الله المؤمنون بعدم استفزاز المشركين بسب آلتهم لما يترتب عليه من ضرر أكبر فقال تعالى : {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} الأنعام: 108

الثالث: ترك الجدل والمراء: 
ففي كثير من الأحيان يتحول الحوار من حوار محمود إلى جدال مذموم، وحد المراء والجدال: أن ينكر الحق الذي ظهرت دلالته ظهوراً لا خفاء فيه، وإذا تحول الحوار إلى مراء وجدال انتهى إلى خُصومة وفُرقة ، بعد أن تمتلئ الصدور بالحقد ، وتشحن النفوس بالكراهية  لبعضها

الرابع: البعد عن سوء الظن أو عدم اتهام النيات: 
فمن أخطر آفات الحوار: أن المتحاورين إذا اختلفا ولم يتفقا في مسألة من المسائل سارع أحدهما إلى اتهام نية صاحبه، وطعن في مقصده، وعدّه من أهل الهوى، وهذا مزلق خطير أن يتحول الحوار إلى اتهامات، لذلك فالمنهج الشرعي يقتضي أن المحاور إذا رأى صاحبه قد أخطأ وترجح له ذلك بالدليل أن يقول لصاحبه أخطأت، ويبين له مستنده العلمي في ذلك، ولا يتجاوزه إلى غيره، فليس لنا إلا الظواهر، أما البواطن فهي إلى الله تعالى، ولم نؤمر بالتفتيش عن أفئدة العباد. فقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد رضي الله عنه  قتل الكافر الذي تمكن منه في معركة فقال الكافر : اشهد أن لا إله إلا الله ، فقال رسول الله أقتلته بعد أن قالها ؟؟  فقال أسامة: إنما قالها تعوذاً من السلاح، فقال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟!

الخامس: الهدوء واحترام الطرف الآخر: 
ففي أثناء الحوار قد تتحرك المشاعر والطبائع الكامنة في نفس الإنسان، فيفقد هدوءه وتوازنه، ويغلي الدم في قلبه، ويغضب على خصمه، وقد يرتفع صوته ويغلب الانفعال على جو الحوار، وتندفع الكلمات تتسابق من الطرفين أو أحدهما، كالسيل الجارف، تهكم لاذع، وسخرية واستهزاء، وتراشق بالتهم، حتى تظن أنهم يتصارعون لا يتحاورون، وهذا من أخطر آفات الحوار، لأنه لا ينتهي إلا وقد تمزقت علائق الأخوة، وتنافرت القلوب وتدابرت، وعندها لن يكون التقاء إلا أن يشاء الله،
لذلك ينبغي التأدب مع الخصم وحفظ اللسان عما يسوؤه من الألفاظ، والغمز واللمز، أما الصراخ والشتام فكلّ يستطيعه ، لكن الحق لا ينتصر بذلك ولا يفتقر إلى الصراخ لإثبات أنه حق ، وإنما يثبت الحق بالحجة الدامغة :
فقد قال الله تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } النمل: 125
وقال : {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} العنكبوت: 46  فمهما كان كلامُ خصمه ينبغي أن يذكر الحجة ويعدل عما لا فائدة فيه...
والغريب أن بعضنا: يظن أنه من دلائل الجدية، وعلامات الغيرة على الحق أن يقطب جبينه، ويحمر عينيه، ويرفع صوته، وتتسارع أنفاسه كأنه منذر جيش.. لكن العكس هو الصحيح، فكم من هادئ عفِّ اللسان، حليم كاظم الغيظ ، أقدر على نصرة الحق من غيره ،
يقول ابن الإمام الشافعي -رحمه الله : (ما سمعت أبي يناظر أحداً قط فرفع صوته ) .
أما عند الغضب والتشنج وشدة الانفعال فإن العاطفة تطغى على العقل والمنطق .

السادس: الإنصاتُ وحسنُ الاستماع : 
لابد لكل محاور أن يتقن فنَ الاستماع إذا أراد النجاح في حواره، فإن براعتَه في الكلام لا تُغني عنه حسنَ الاستماع ، بل قالوا: (المتحدث البارع مستمع بارع ) وخاصة أثناء الحوار، لذا فالمحاور الناجح هو الذي يهتم بصاحبه، ويصغي لكلامه، ويحسن الإنصات له، أما عدمُ الإصغاءِ للمتحدث وكثرةُ مقاطعته والاعتراضِ عليه، فيه سوء أدب واحتقار له ، وتنفير الخصم وانفضاضه وتقليل قيمته  .

السابع: الانطلاق من نقاط الاتفاق إلى نقاط الخلاف : 
هذه قاعدة عظيمة يغفل عنها كثير من المتحاورين، حيث يبدؤون من نقاط الاختلاف، مما يؤدي إلى توتر جو الحوار، فمما لا شك فيه أن بين كل اثنين مختلفين حداً مشتركاً من النقاط المتفق عليها بينهما، والتي يسلم بها الطرفان، وخاصة المسلمين، فالمحاور الذكي الناجح هو الذي ينطلق من المحكمات والمسلمات والكليات المتفق عليها ، لا من المشتبِهات والفروع المختلف فيها، والتي لا تعدوا في كثير من الأحيان أن تكون اجتهاداً أو وجهة نظر يسوغ فيها الخلاف وتتسع لها الصدور، والحقيقة هذا هو منهج القرآن الكريم في حواره مع المخالفين .

الثامن: ترتيب الأفكار وحسن العرض: 
ترتيب الأفكار وفصاحة اللسان ، وقوة البيان ، وحسن العرض من العوامل التي تؤدي إلى نجاح الحوار ، لأن تشابك الأفكار وتداخلها يشوشان على السامع ، بل يجعلانه في حيرة من أمره، فلا يدري بداية الفكرة من نهايتها ، كما لا يستطيع التمييز والفصل بين الأفكار .
بل إن الفكرة مهما كانت صحيحة وقيمة إذا لم يحسن صاحبها عرضها فإنها ستفقد قيمتها ،
وبالمقابل فإن بعض الأفكار المنحرفة قد يكتب لها الظهور والنجاح بسبب قدرة صاحبها على حسن عرضها .

التاسع: مناقشة الأصول قبل الفروع، ومعالجة الأسباب بدلاً من معالجة الأعراض .

العاشر: تهيئة الظروف المناسبة : 
وذلك بمراعاة ظروف الناس وأحوالهم ونشاطهم ورغبتهم في حسن الاستماع كي لا يملوا أو ينفروا .



أ . حسام حسن كيوان

من فضلك .. شارك الموضوع إذا أعجبك

ضع تعليقا أخي الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموضوع السابق الموضوع التالي الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة لموقع أفكار ستغير حياتك ©2015-2016 | فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية