100 100 100

النوم الدواء الناجح لمواجهة عصر السرعة

اعلان
قام توماس إديسون في عام 1800 بإضاءة الطريق أمام العالم باختراع المصباح الكهربي، وكان لا يعلم أن هذا الاختراع العظيم الذي قدّمه للبشرية سيكون يوماً ما عاملاً هاماً وأساسياً في نمو مشكلة الحرمان من النوم .
ومع بداية القرن الجديد ..

تزداد الأبحاث والنقاشات حول سبل تحسين الحياة البشرية والحفاظ على صحة الفرد ونوعية أدائه.

فعلى رغم الثورة التكنولوجية الهائلة التي اتسم بها هذا القرن وما تعانيه من توفير للجهد البشري وللوقت، فإن سمة هذا العصر هي ضيق الوقت والسباق مع الزمن.

فضغط العمل والرغبة في الاتصال مع العالم الخارجي وتنويع الأنشطة والهوايات خلق إحساساً لدى الفرد بأن الوقت سلعة مهمة لا يمكن تعويضها أو شراؤها، والحل يكمن بالتقليل من ساعات النوم كونها ساعات ميتة !
والنمطية السائدة للإنسان الناجح أن لا يتعب ولا يحتاج لأكثر من ست ساعات نوم... ولا يجرؤ المرء أن يقول عكس ذلك حتى لا يوصف بالكسل وقلة الطموح!
لكن الأبحاث والدراسات التي صدرت حديثاً تتعارض مع نمط الحياة هذا. ففي كتاب نُشر أخيراً في الولايات المتحدة للبروفيسور "جيم ماس" بعنوان (أعجوبة دواء النوم) يقرع الباحث الأمريكي ناقوس الإنذار قائلاً:
(يجب أن تعطي النوم حقه، والا ستزداد حوادث الموت على الطرقات والخسارة في ساعات العمل)
وأهم ما يقوله "ماس" في كتابه :
أن ساعات النوم أهم حتى من الرياضة والريجيم لتحسين صحتك ونوعية حياتك، فأنت تتسبب بالكثير من أمراضك بسبب حرمانك من النوم.
ونحن غير مهيئين بيولوجياً للاكتفاء بساعات نوم قليلة، فالمقومة الجينية (Genetic Blueprint ) ما قبل التاريخية لم تتطور بالسرعة اللازمة لتواكب وتيرة حياة القرن العشرين الضاغطة.
ويدعم "ماس" مقولته بالأرقام، فيقول :
إن 62 في المائة من الأمريكيين انخفضت ساعات نومهم عما كانت عليه قبل خمس سنوات،
وإن ساعات العمل والمواصلات ازدادت 158 ساعة سنوياً عما كانت قبل عشرين عاماً، أي ما يعادل شهراً كاملاً من العمل.
أما بالنسبة إلى الأمهات الشابات فقد ازدادت ساعات عملهن بين عمل خارج البيت وداخله واعتناء بالأطفال ومواصلات حوالي 241 ساعة سنوياً عما كانت عليه العام 1960.
ويتابع ماس نقاشه فيقول:
(لنرَ الآثار المدمرة لقلة النوم: حين يحرم المرء من النوم لبضعة أيام بسبب العمل أو المرض أو لظروف طارئة، يصبح غير منطقي ومشوشاً ويمكن أحيانا أن يصاب بالهلوسة)

فما هو سر النّوم ومهمّته السحرية ؟

يقول ماس : (إن النوم  يجدد وينشط ويحافظ على خلايا الجسم والدماغ، وبالتالي يزيد من إنتاجية العمل وصفاء الذهن، وإن الذين ينامون حوالي 8 ساعات يومياً تزداد نسبة إنتاجهم حوالي 25 في المائة)

ويدعم الدكتور "ادريان وليامز" وجهة نظر "ماس" ، وهو اختصاصي في مجلس أبحاث اضطرابات النوم في مستشفى سانت توماس في لندن، ومؤلف كتاب (دكتور..لا أستطيع النوم) ويقول وليامز :
(إن ظاهرة التعب المزمن التي يشعر بها غالبية الناس لها علاقة بقلة النوم وإن البريطانيين يعانون من تناقص حاد في نسبة ساعات النوم مثلهم مثل الأمريكيين، وينصح بالقيلولة بعد الظهر لفترة قصيرة للتعويض عن الحرمان من النوم)
ويؤكد ماس قضية القيلولة ويقول :
(إن شركات أميركية عدة عندها الآن غرف خاصة للقيلولة، لأن نوم حوالي 10 إلى 15 دقيقة يمكن أن يؤثر في نشاط الفرد وإبداعه لبقية اليوم) .

ماذا يحدث إذا حُرم الإنسان من النوم ؟

إن الحرمان من النوم لمشكلة كبيرة فهو يؤدى إلى القلق ، و التوتر ، و الإجهاد، وضعف التركيز ، و قلة الانتباه ...
كل ذلك من شأنه أن يُقلل من قدرة الفرد و كفاءته الإنتاجية ، مما يؤثر سلباً على المستوى العام للإنتاج ، لذلك فإن سائقي السيارات الذين يتركون النوم لفترات طويلة يعانون من نقص شديد في التركيز ، و يتعرضون لفترات خاطفة من النوم ، كل ذلك قد يؤدى إلى وقوع الكثير من الحوادث ،
و الشخص الذى حُرم من النوم لفترة طويلة قلما يستطيع أداء الوظائف و الأعمال التي تحتاج إلى تركيز عالي .

و في تجربة أُجريت على بعض الأشخاص
حرموا فيها من النوم لأربعة ليالي .. كان الأمر كالتالي :

في الليلة الأولى :
الأمور هادئة و الجميع متحمس و مترقب لخوض هذا السباق الشيق ،

و لكن مع الليلة الثانية :
بدأ الحماس يقل ، و ظهر القلق و التوتر ، حتى إن الشخص سهل أن يُستثار ، و قل التركيز بعض الشيء ، و كانت أشد الأوقات صعوبة هي الفترة ما بين الثالثة و الخامسة صباحاً ، و أصبح الأشخاص لديهم تقلب في المزاج ، و عدم اكتراث بما حولهم ،

و بعد الليلة الثالثة :
نجد أن الشخص بدأ يظهر عنده هلاوس سمعية و بصرية :
-         يرى أو يسمع أشياء أو أصوات غير موجودة ،
-         كذلك يظهر عنده خداع بصري و سمعي ( أشياء موجودة و لكنه يُدركها إدراكاً خاطئاً ) مثل أن يرى الحبل يظنه ثعبان ، أو يرى الكوب كأنه شجرة، أو يسمع صوت الماء كأنه شخص يتحدث معه ، و غير ذلك ،
-         و يقل التركيز بشكل ملحوظ و يزداد القلق و التوتر ، و يتقلب المزاج و يظهر عند الشخص فترات خاطفة من النوم تدوم بضعة ثوانٍ قليلة ، من ثانية واحد إلى ثلاث ثواني و قد تصل إلى ستة ثواني ، يتوقف في خلالها الشخص عما كان يفعل و يُحدق بصره في الفضاء ، ثم بعد ذلك يعود إلى حالة اليقظة ، و قد أعطته هذه الفترة الخاطفة من النوم قدراً من الانتعاش و الحيوية ، و تُعرف هذه الفترة من النوم باسم النوم المتناهي في القصر "Micro sleep" . 

بعد الليلة الرابعة :
تزداد الأعراض سوءاً ، فتظهر :
ضلالات الاضطهاد : كالذي يعتقد أن هناك شخص معين يحاول قتله ، أو يضع له السم في الأكل ،
و ضلالات المراقبة : كمن يعتقد أن هناك من يراقبه و يضع له أجهزة التصنت .

لذلك :
قد يؤدى الحرمان من النوم في النهاية إلى فقدان الشخص الشعور بشخصيته و عدم إدراكه للعالم السوى من حوله .
و كل ذلك يُطلق عليه العلماء اسم ( الذهان العقلي الناتج عن الحرمان من النوم ) .
و بقضاء فترة جيدة من النوم المشبع تختفي كل هذه الأعراض و يعود الشخص إلى سابق عهده ...
و لكن بعض الأشخاص لا يعودون كما كانوا ، و تظل لديهم هذه الأعراض ، و يُفسر هذا :
بأنهم كان لديهم استعداد للمرض ، فلقد كان المرض موجوداً لديهم و لكن غير بيّن وغير ظاهر ، و كان الحرمان من النوم بمثابة الضغط العصبي الذى أدى إلى بداية رحلة المرض .

و لكن على الجانب الآخر :

أثبتت التجارب و الأبحاث أن الحرمان من النوم يؤدي إلى تحسن مرضى الاكتئاب ..
فمرضى الاكتئاب نومهم قصير ، سطحي ، متقطع ، يستيقظون مبكراً جداً من النوم ..
فأجرى فريق من العلماء تجارب قاموا فيها بحرمان هؤلاء المرضى من هذا النوم المضطرب و كانت النتيجة هي تحسنهم و لكن مع أول فترة نوم يقضونها تحدث انتكاسة للمرضى مرة أخرى عند غالبهم ، و هذا الأمر و إن كان له نتيجة محمودة إلا أنها لا تتناسب مع المجهود و المشقة و التكلفة المالية المبذولة .

و أثبتت التجارب أيضاً على أن المزج بين الحرمان من النوم و بين العقاقير المضادة للاكتئاب يؤدى إلى نتائج جيدة .

أضرار الحرمان من النوم :

1 - ضعف القدرة الإدراكية : فلا يؤدون وظائفهم الجسدية ولا المهام العقلية المعقدة بطريقة صحيحة .

2 - زيادة الوزن (البدانة) : والسبب وراء ذلك هو كون فترة النوم تؤثر على الهرمونات التي تنظم الجوع، كما أن قلته تحفز الشهية. و يؤدي الحرمان من النوم إلى التعب، وهذا يؤدي إلى قلة النشاط البدني، وبالتالي زيادة الوزن.

3 - ضعف الجهاز المناعي : فيصير أكثر عرضة للإصابة بالمرض بعد التعرض للفيروسات، منها نزلات البرد. وقلة النوم يمكن أن تطيل المدة التي يحتاجها المصاب للشفاء.

4 - ارتفاع ضغط الدم
 5- الاستثارة للغضب السريع.
6 - اضطراب السلوك والحكم الخاطئ على الأمور
7 - التثاؤب المزمن
 8 - أعراض شبيهة بمرضADHD
9 - التعرض للإصابة بمرض السكري النوع الثاني
10 - تغير معدل نبضات القلب
11 - خطر الإصابة بأمراض القلب.
12 - انخفاض وقت رد الفعل والدقة في التعامل مع الأشياء.
 13- الإصابة بالأورام.
14 - الشعور بآلام بالجسم
15 - التأثير على النمو الطبيعي للجسم
16 - انخفاض درجة حرارة الجسم.
17 - ضعف متعة وجودة الحياة وبهجتها : فالحرمان من النوم قد يسبب عدم القدرة على القيام بالأنشطة الممتعة بسبب التعب. كما أنه قد يفضي إلى النعاس في أوقات غير ملائمة أو لأخذ قيلولة غير مخطط لها.

ومن أقوى الآثار النفسية السيئة للحرمان من النوم :

١- بذل الدماغ جهدًا أكبر
بعد تصوير الدماغ، ظهرت فيها أدمغة الأشخاص المحرومين من النوم وهي تضخُّ الطاقة بصورة محمومة إلى قشرة مقدمة الفص الجبهي، في محاولة للتغلُّب على آثار الحرمان من النوم.

2- تلف الذاكرة قصيرة المدى وهذا يسبب قصور حاد في الذاكرة العاملة.
فمن دون الذاكرة قصيرة المدى لا يمكن للمرء أن يحتفظ في ذهنه حتى برقم تليفون، ناهيك عن القيام بأي مهام معقَّدة.
لهذا عندما تُحرَم من النوم لا تنفكُّ تدور في دوائر مفرغة.

3- تلف الذاكرة طويلة المدى
فالنوم له دور مهم في تعزيز الذكريات.
فأثناء النوم، يعمل الدماغ على تنظيم الأحداث التي تعرَّضنا لها ودمْجِها واستيعابها.
ومن دون النوم يصيب تلك العملية خللٌ كبير؛ بمعنى أنَّ إرساء الذكريات طويلة المدى يصير صعبًا، والأصعب منه تعلُّم مهارات جديدة.

4- تأثر الانتباه
يتمتع البشر في حالتهم المُثْلى بقدرات مذهلة على الانتباه؛ فيمكننا تمييز صوت واحد من كُثُر، وتتبُّع أجسام صغيرة وسط فيض من المعلومات المُشتِّتة بصريًّا وأكثر من ذلك.
إلا أنَّ الحرمان من النوم يتسبب في تداعي الكثير من تلك القدرات الدقيقة؛ فإذا لم نحصل على كفايتنا من النوم، فلا يمكننا أن نُعير حواسنا الانتباه المرجو.
يتولَّد عن ذلك جزئيًّا ذاك الشعورُ الغريب بفقدان التركيز الذي تشعر به عندما تكون مُتعبًا.

5- تأثر القدرة على التخطيط
بعد قضاء ٣٦ ساعة دون نوم، تبدأ قدرتك على التخطيط وتنسيق تصرُّفاتك في التأثر بالسلب.
أثبتت الاختبارات أنَّ تلك القدرة الحيوية على اتخاذ قرار متى وكيف تشرع في مهمة أو تتوقف عنها؛ سرعان ما تنهار مع قلة النوم.
فما أسهل أن يعلق الأشخاص المحرومون من النوم في حلقات من النشاط المتصل، أو فترات من الحيرة والتفكير المشوَّش.
والعواقب وخيمة في الحالتين.

6- سيطرة العادات
بما أنَّ الأشخاص المحرومين من النوم يجدون صعوبة في وضع الخطط، أو السيطرة على كيفية بدء الأعمال أو الانتهاء منها؛ فإنهم يضطرون إلى اللجوء إلى المنظومات التلقائية في الدماغ.
وأقصد بهذا العادات.
فعندما يقلُّ النوم يزداد اعتمادنا على تكرار الأفعال ذاتها في المواقف ذاتها. وهذا أمر محمود فيما يتعلق بالعادات السليمة، لكنه ليس كذلك فيما يتعلق بالعادات السيئة.
ومن ثمَّ يُقبل المحرومون من النوم أكثر على تناول الأطعمة السريعة.

7- المجازفة
أثبتت دراسات — استعانت بألعاب الورق — أنه عندما يقلُّ النوم يقع اللاعبون في مأزق استراتيجي؛ فيَبدون غير قادرين على تغيير خطة اللعب استنادًا إلى الخبرة.
يميل الأشخاص الناعسون إلى المجازفة باستمرار، حتى إنِ اتَّضح لهم أنَّ المجازفة لا تُجديهم نفعًا.

8- احتضار الخلايا الدماغية
تشير شتى أنواع الدراسات إلى أنَّ الحرمان من النوم يتلف الخلايا الدماغية؛ فقد اكتشفت دراسة أُجرِيَت في الآونة الأخيرة أنَّ بعض الخلايا الدماغية في الفئران يموت منها ٢٥٪؛ نتيجةً للحرمان من النوم لفترات طويلة.
ووجدت دراسات أخرى أن المادة البيضاء في الدماغ تقلُّ — على الأرجح — نتيجة الحرمان من النوم.
ومثلما تسفر قلة النوم عن أضرار نفسية، فلها أيضًا أضرار فسيولوجية.

9- الهَوَس


أعراضه : الذُهان، وجنون الاضطهاد، وارتفاع مستوى الطاقة على نحو شديد، والهلاوس، والعدوانية … وأكثر من ذلك.

من فضلك .. شارك الموضوع إذا أعجبك

ضع تعليقا أخي الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموضوع السابق الموضوع التالي الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة لموقع أفكار ستغير حياتك ©2015-2016 | فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية